هل يمكن لبرنامج دردشة آلي أن ينجح حيث فشل الأطباء؟ في قصة مذهلة تثير تساؤلات حول مستقبل الرعاية الصحية، تدعي امرأة أمريكية تبلغ من العمر 40 عامًا أن تطبيق الذكاء الاصطناعي الشهير، ChatGPT، كان له الفضل في إنقاذ حياتها من سرطان الغدة الدرقية الخفي الذي لم يتمكن أطباؤها من تشخيصه لعدة أشهر. هذه القصة تسلط الضوء على الإمكانات المذهلة، والمخاطر المحتملة، للتكنولوجيا الناشئة في مجال التشخيص الطبي.
في هذا المقال على موقع العدسة، نستعرض التفاصيل الكاملة لتجربة لورين بانون مع ChatGPT، وكيف قادها روبوت الدردشة إلى تشخيص حالتين خطيرتين – مرض هاشيموتو وسرطان الغدة الدرقية – بعد أن تم تجاهل أعراضها مرارًا وتكرارًا. سنبحث في دور الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي، ونناقش كيف يمكن لأداة مصممة للمساعدة في العمل أن تتدخل بشكل حاسم في إنقاذ حياة إنسان، مع الأخذ في الاعتبار التحفظات والجدل الدائر حول استخدام هذه التقنيات في المجال الطبي.
 |
| عندما يتفوق الذكاء الاصطناعي: قصة تشخيص سرطان بفضل ChatGPT |
بداية المعاناة: أعراض غامضة وتشخيصات غير مقنعة
بدأت رحلة لورين بانون، وهي أم لطفلين وتدير شركة تسويق خاصة بها، بأعراض قد تبدو بسيطة في البداية ولكنها كانت مؤلمة ومحيرة. لاحظت صعوبة متزايدة في ثني أصابعها، خاصة في فترات الصباح والمساء. هذا العرض دفعها للبحث عن تفسير طبي.
- فحوصات سلبية وتشخيص التهاب المفاصل: على الرغم من أن نتائج فحوصاتها الخاصة بـ التهاب المفاصل الروماتويدي (RA) جاءت سلبية، إلا أن الأطباء، بعد أشهر من الفحوصات المتكررة، استقروا على تشخيص حالتها بهذا المرض المناعي الذاتي. قد يجد البعض تشابهًا في تجارب التشخيص الصعبة عند قراءة تجربتي مع حبوب برفكتيل perfectil والبحث عن حلول.
- تفاقم الأعراض: لم تتوقف معاناة لورين عند هذا الحد. بدأت تعاني من آلام حادة في المعدة وفقدان ملحوظ في الوزن، حيث خسرت حوالي 14 رطلًا (أكثر من 6 كيلوجرامات) خلال شهر واحد فقط.
- تشخيص جديد غير دقيق: مرة أخرى، قدم الأطباء تفسيرًا لهذه الأعراض الجديدة، معتبرين أنها ناجمة عن الارتجاع المعدي المريئي (GERD).
كانت لورين تشعر بأن هناك شيئًا أعمق يحدث، وأن هذه التشخيصات لا تفسر الصورة الكاملة لأعراضها المتزايدة والمقلقة. شعورها بالإحباط واليأس من عدم الحصول على تشخيص دقيق دفعها للبحث عن بدائل.
اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي: ChatGPT كمساعد تشخيصي
في مواجهة ما شعرت به من تجاهل وعدم جدية من قبل النظام الطبي التقليدي، اتخذت لورين خطوة غير تقليدية. لجأت إلى ChatGPT، روبوت الدردشة المتطور من شركة OpenAI، والذي كانت تستخدمه بالفعل في أعمالها التسويقية.
"كنت بحاجة ماسة لمعرفة ما يحدث لي، شعرت أنني أُترك بلا إجابات حقيقية"، هكذا وصفت لورين شعورها باليأس الذي دفعها لاستشارة الروبوت. لم تطلب تشخيصًا مباشرًا، بل استخدمت ذكاءها وصاغت سؤالًا دقيقًا: استفسرت عن الحالات الطبية التي يمكن أن تحاكي أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي.
كانت الإجابة مفاجئة ومحورية. من بين الاحتمالات التي طرحها ChatGPT، أشار الروبوت إلى احتمال إصابتها بـ مرض هاشيموتو. هذا المرض هو اضطراب مناعي ذاتي شائع يؤدي فيه الجهاز المناعي لمهاجمة الغدة الدرقية، ويمكن أن يسبب أعراضًا متنوعة تشمل التعب، آلام المفاصل، ومشاكل هضمية، وقد تتداخل أحيانًا مع أعراض التهاب المفاصل.
لم يتوقف الروبوت عند هذا الحد، بل اقترح خطوة عملية: طلب إجراء فحص لمستويات الأجسام المضادة لبيروكسيداز الغدة الدرقية (TPOAb)، وهو مؤشر رئيسي لتشخيص مرض هاشيموتو.
|
|
| لجوء لورين بانون إلى ChatGPT بحثًا عن إجابات طبية |
من هاشيموتو إلى السرطان: تأكيد تشخيص الروبوت وكشف الخطر الأكبر
مسلحة بالمعلومات التي قدمها ChatGPT، عادت لورين إلى طبيبها وطلبت إجراء فحص الأجسام المضادة لـ TPO. ورغم تحفظ الطبيب المبدئي، وافق على إجراء الفحص في سبتمبر 2024.
النتائج الصادمة: جاءت نتائج الفحص لتؤكد بشكل قاطع تشخيص مرض هاشيموتو الذي اقترحه ChatGPT، وذلك على الرغم من عدم وجود تاريخ عائلي للإصابة بهذا المرض لدى لورين.
لم تكن هذه نهاية المطاف. تشخيص هاشيموتو دفع الأطباء إلى إجراء المزيد من الفحوصات المستهدفة للغدة الدرقية. تم إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية، وهو فحص شائع لتقييم بنية الغدة وحجمها.
الكشف عن السرطان: كشف التصوير بالموجات فوق الصوتية عن وجود كتلتين صغيرتين (عقيدات) في رقبة لورين، تحديدًا في الغدة الدرقية. بعد إجراء خزعة لهذه الكتل في أكتوبر 2024، تم تأكيد التشخيص الأخطر: سرطان الغدة الدرقية. فهم نسبة الكورتيزون في دواء فينادون وأدوية أخرى يصبح أقل أهمية أمام اكتشاف مرض خطير كهذا.
وهكذا، فإن الاستفسار المبدئي على ChatGPT لم يقد فقط إلى تشخيص حالة مناعية ذاتية تم التغاضي عنها، بل فتح الباب لكشف ورم سرطاني خبيث في مراحله المبكرة نسبيًا.
"الذكاء الاصطناعي أنقذ حياتي": شهادة لورين وتداعيات القصة
تعتقد لورين بانون جازمة أنه لولا تدخل ChatGPT، لكان السرطان قد استمر في النمو خفية دون تشخيص لفترة أطول، مما قد يقلل من فرص الشفاء. وقالت بوضوح: "لو كنتُ اتبعت خطة الأطباء فقط، لكنت تناولتُ دواء التهاب المفاصل الروماتويدي، وكان السرطان لينتشر في جسدي".
خضعت لورين لعملية جراحية ناجحة في يناير 2025 لإزالة الغدة الدرقية بالكامل (استئصال الغدة الدرقية) بالإضافة إلى العقدتين اللمفاويتين المصابتين.
تعكس تجربتها مشاعر مختلطة تجاه النظام الطبي والذكاء الاصطناعي:
- خيبة أمل من الأطباء: عبرت عن شعورها بخيبة أمل عميقة تجاه الأطباء الذين تعاملوا مع حالتها، قائلة: "بدا وكأنهم يريدون فقط إنهاء الاستشارة بسرعة". هذا الشعور بعدم الاستماع أو عدم أخذ الأعراض على محمل الجد هو شكوى شائعة للأسف في بعض الأنظمة الصحية.
- امتنان للذكاء الاصطناعي: في المقابل، رأت في ChatGPT أداة قدمت لها "فرصة حقيقية لإنقاذ حياتي". على الرغم من أنها تدرك تحفظات الخبراء حول الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الطب. قد يجد البعض أن أدوات مثل كريم شوما توفر حلاً لمشاكل بسيطة، لكن التعامل مع حالات معقدة يتطلب أدوات أكثر تطورًا أو تدخلًا مختلفًا.
تثير قصة لورين بانون نقاشًا هامًا حول دور الذكاء الاصطناعي كمساعد للمرضى والأطباء في عملية التشخيص، خاصة في الحالات المعقدة أو التي يتم فيها تجاهل أعراض المريض. كما تسلط الضوء على أهمية تمكين المريض (Patient Advocacy) وحقه في البحث عن إجابات وطرح الأسئلة حتى لو تعارض ذلك مع رأي الطبيب الأولي.
⚠️ الذكاء الاصطناعي في الطب: إمكانيات واعدة وتحذيرات ضرورية
قصة لورين بانون هي مثال فردي ولكنه قوي على الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية. يمكن لأدوات مثل ChatGPT تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية بسرعة وربط الأعراض بحالات نادرة قد لا تكون في مقدمة ذهن الطبيب البشري مباشرة.
الإمكانيات الواعدة:
- المساعدة في تشخيص الأمراض النادرة أو المعقدة.
- تحليل الصور الطبية (الأشعة، الموجات فوق الصوتية).
- اقتراح خطط علاج شخصية بناءً على بيانات المريض.
- توفير معلومات طبية للمرضى وتمكينهم.
- تخفيف العبء على الأطباء في المهام الروتينية.
التحذيرات والقيود: ومع ذلك، يؤكد الخبراء على ضرورة التعامل بحذر شديد مع استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي:
- 🚫 ليس بديلاً للطبيب: لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الفحص السريري، والحدس الطبي، والعلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض.
- 🚫 دقة المعلومات: قد تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي أحيانًا معلومات غير دقيقة أو "هلوسات" (معلومات مختلقة تبدو مقنعة).
- 🚫 التحيز في البيانات: قد تكون البيانات التي تدربت عليها النماذج متحيزة، مما يؤدي إلى تشخيصات أو توصيات غير عادلة لبعض الفئات.
- 🚫 قضايا الخصوصية والأمان: استخدام البيانات الصحية الشخصية مع الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف جدية بشأن الخصوصية.
- 🚫 المسؤولية القانونية والأخلاقية: من المسؤول في حالة حدوث خطأ في التشخيص أو العلاج بناءً على توصية الذكاء الاصطناعي؟
الخلاصة هي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة قوية في يد المريض والطبيب، ولكنه لا يزال بحاجة إلى إشراف بشري دقيق وتنظيم صارم قبل الاعتماد عليه بشكل كامل في قرارات طبية حاسمة. قصص مثل تجربتي مع ديمرا ودواعي الاستعمال قد تكون أبسط، لكن تجربة لورين تظهر تعقيدات الاعتماد على أدوات جديدة في الصحة.
أسئلة شائعة حول قصة تشخيص السرطان باستخدام ChatGPT
كيف بالضبط ساعد ChatGPT في تشخيص سرطان لورين بانون؟ ▼
لم يشخص ChatGPT السرطان مباشرة. لكنه اقترح احتمال إصابتها بمرض هاشيموتو بناءً على أعراضها التي تشبه التهاب المفاصل الروماتويدي، وأوصى بفحص معين (TPOAb). تأكيد الإصابة بهاشيموتو قاد الأطباء لإجراء تصوير للغدة الدرقية كشف عن عقيدات تبين لاحقًا أنها سرطانية. فالروبوت وجهها للمسار الصحيح الذي كشف السرطان.
ما هو مرض هاشيموتو الذي اقترحه ChatGPT؟ ▼
مرض هاشيموتو هو اضطراب مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي الغدة الدرقية، مما يؤدي غالبًا إلى قصور الغدة الدرقية. أعراضه متنوعة ويمكن أن تتداخل مع أمراض أخرى، وهو ما جعله اقتراحًا ذكيًا من الروبوت في حالة لورين.
هل هذا يعني أنه يجب على المرضى استخدام ChatGPT لتشخيص أنفسهم؟ ▼
لا. قصة لورين استثنائية. يؤكد الخبراء بشدة على عدم الاعتماد على ChatGPT أو أي ذكاء اصطناعي آخر للتشخيص الطبي الذاتي. يمكن استخدامه كأداة للحصول على معلومات أولية أو طرح أسئلة لمناقشتها مع الطبيب، ولكن يجب دائمًا استشارة طبيب بشري مؤهل لاتخاذ القرارات التشخيصية والعلاجية.
ما هي الأعراض التي تجاهلها الأطباء في حالة لورين بانون؟ ▼
الأعراض الرئيسية التي تم التقليل من شأنها أو تشخيصها بشكل غير دقيق في البداية كانت صعوبة ثني الأصابع (شُخصت كـ RA رغم سلبية الفحص)، وآلام المعدة الحادة وفقدان الوزن السريع (شُخصت كـ GERD).
ما هي الدروس المستفادة من قصة لورين بانون؟ ▼
أهم الدروس هي أهمية الاستماع للمرضى وأخذ أعراضهم على محمل الجد، وضرورة أن يكون المرضى مدافعين عن صحتهم (Patient Advocacy) وألا يترددوا في البحث عن رأي ثانٍ أو طرح الأسئلة. كما تظهر القصة الإمكانات المستقبلية الواعدة للذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة في الطب، مع التأكيد على ضرورة استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي.
شاركنا رأيك!
إذا أعجبك المقال، لا تنسى كتابة تعليق وتشاركنا رأيك أو تجربتك. نحن نحب أن نسمع منكم! 💬
اكتب تعليقك الآن