وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس يوم الأحد في زيارة رسمية لفرنسا تستغرق يومين، حيث عقد مناقشات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيره من كبار قادة الحكومة ورجال الأعمال. وشهدت الزيارة طرح الفرنسيين السجادة الحمراء للرئيس السيسي، حيث رحب الرئيس المصري باستعراض الفرسان في باريس.
وكان أبرز ما في الزيارة لقاء السيسي والمؤتمر الصحفي المشترك مع ماكرون الفرنسي في قصر اليزيه التاريخي، المقر الرسمي لرئيس الجمهورية الفرنسية.
وقد شهد المؤتمر الصحفي المشترك تبادل الزعيمين وجهات النظر المختلفة بطريقة ودية حول القيم الدينية والعلمانية، ولكنهما أظهرا نهجا موحدا للتعاون الاقتصادي والسياسي، لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورداً على سؤال من الصحافة حول مقاربة فرنسا للرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد التي تعتبر مسيئة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، أكد الرئيس السيسي أهمية النظر في “القيم الدينية”، مؤكداً وجهة نظره بأن مثل هذه الرسوم المسيئة للمسلمين على مستوى العالم.
وأكد السيسي، بعد لحظات من دفاع ماكرون عن أهمية حرية الصحافة والتعبير: “من المهم، عندما نعبر عن آرائنا، ألا ننتهك القيم الدينية من أجل القيم الإنسانية”.
“إن مرتبة القيم الدينية أعلى بكثير من القيم الإنسانية… المقدسة وقبل كل شيء القيم الأخرى… القيم الإنسانية هي القيم التي صنعناها ويمكننا تغييرها أو تنظيمها”.
ورأى البيان، الذي أثنى عليه الأزهر في بيان للأزهر، من بين ملاحظات أخرى تتعلق بالدين، أن الرئيس الفرنسي يختلف بشكل مباشر مع نظيره المصري، مؤكداً علمانية فرنسا وفصلها الدين عن السياسة.
“نحن نعتبر أن القيم الإنسانية متفوقة على كل شيء آخر. هذا ما جلبته فلسفة التنوير وأساس عالمية حقوق الإنسان”، مضيفا أن التجديف مسموح به في فرنسا، حتى لو كان لا يمثل الشعب الفرنسي أو وجهات نظره.
حقوق الإنسان ليست عقبة أمام التعاون
وفي ضوء الجدل الأخير الذي أحاط باعتقال ثلاثة من موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وإطلاق سراحهم لاحقاً، بدا أن الرئيس الفرنسي لم يفاجأ عندما سأل أحد أعضاء الصحافة عما إذا كانت فرنسا ستحدد شروطاً بشأن مبيعات الأسلحة إلى مصر في ضوء انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة.
وقال ماكرون بعد أن أكد أن مصر وفرنسا لديهما “خلافات حول هذا الموضوع” وأنهما “تتحدثان بصراحة عن ذلك”.
وتابع ماكرون، الذي قال مع ذلك إن فرنسا ستكون دائما “داعية إلى الانفتاح الديمقراطي والاجتماعي” ويعتقد أن شمولية المجتمع المدني في التمثيل السياسي ستساعد في مكافحة التطرف، “أعتقد أنه من الأكثر فعالية أن تكون هناك سياسة حوار وليس سياسة مقاطعة، مما يقلل من فعالية أحد شركائنا في مكافحة الإرهاب ومن أجل الاستقرار الإقليمي”.
من جانبه، قال الرئيس المصري إن مصر تعمل على تعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك الموافقة مؤخراً على قانون جديد ينظم المنظمات غير الحكومية بعد أن انتقد العديد من العاملين في القطاع القوانين القديمة من تقييد أنشطة المنظمات غير الحكومية في البلاد.
وقال السيسي “لدينا أكثر من 55 ألف منظمة مجتمع مدني تعمل في مصر، وهي تشكل جزءاً مهماً جداً من العمل المدني [في مصر]”، مضيفاً أنه “من غير المناسب” أن ينظر إلى الدولة المصرية على أنها “نظام قمعي”.
“لقد ولت الأيام التي يمكن فيها أن يقيد الشعب المصري، الذي يضم أكثر من 65 مليون شاب، أو يفرض على نظام لا يقبله. لقد انتهى الأمر ولا وجود له”.
وأضاف السيسي أنه يركز أيضا على إصلاح الخطاب الديني في ظل التطرف في المنطقة.
التعاون الاقتصادي والعسكري وغيره من التعاون
كما شدد الزعيمان على أهمية التعاون لمعالجة القضايا في المنطقة، حيث قدم الرئيس المصري دعمه الكامل للشعب اللبناني “لإنقاذ لبنان من أزمته الحالية”، مشيرا إلى التداعيات السياسية للانفجار الذي وقع في وقت سابق من هذا العام في لبنان.
كما قال السيسي وماكرون إنهما تعطيان الأولوية للقضايا الأمنية في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ومنطقة شمال أفريقيا.
وفيما يتعلق بالأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، شدد السيسي وماكرون على أهمية إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 المعترف بها دولياً، مضيفاً أن استئناف عملية السلام هو أمر أساسي، والتوصل إلى حل الدولتين.
كما شهد المؤتمر الصحفي المشترك إعلان الزعيمين اتفاقهما على العمل المشترك لزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين.
وبالإضافة إلى لقاء الرئيس السيسى مع ماكرون، التقى رئيس بلدية باريس آن هيدالجو، حيث ناقشا فرص التعاون، لا سيما في المجال الثقافي. ورحب السيسي خلال اللقاء مع هيدالغو وماكرون بالسياح الفرنسيين في مصر وبحث سبل الترويج للسياحة من فرنسا إلى مصر.
كما التقى السيسي بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والقوات المسلحة منسيتر فلورنس بارلى.
وتأتي زيارة الرئيس المصري بعد أقل من شهر من سفر وزير الخارجية الفرنسي إلى مصر للقاء شخصيات حكومية ودينية بارزة.
نحن نحب سماع آرائكم!
شاركنا رأيك أو اطرح سؤالاً في قسم التعليقات أدناه